قد تكون الصداقة اقوى من الاخوة ..قصة واقعية عن معنى الصداقة الحقيقة
تقول إحدى الأخوات .. كنا معا فى الكلية .. جمعتنا أوقاتنا الطيبة ..جمعتنا الألفة والمحبة
جمعتنا أعمال المصلى من حفظ وطاعات ووسائل دعوية
تواصينا على مذاكرة دروسنا سويا .. وتعاهدنا أنفسنا على ايقاظ بعضنا البعض لصلاة الفجر ولقيام الليل
كانت أهدافنا تسمو للمعالى ..أربع سنوات قضينا فيها أروع الأوقات وهكذا تخرجنا .. كتب الله لى أن أعمل معلمة فى نفس المدينة
أما صاحبتى وفاء فكان عملها فى هجرة تبعد عنها قرابة المائتى كيلو
هكذا أراد الله .. وهذه حكمة الله
تمر الأيام وقد كنا نتعاهد بعضنا بالتشاور والمزاح والزيارات
لاأبالغ إذا قلت لكم أننا كنا نشعر بمحبتنا لبعضنا دون أن تنطق بها أحدنا
كنا نرى هذه المحبة تدفع أجسادنا وجوارحنا أن نعمل لأهدافنا وغاياتنا وأن نضحى بأوقاتنا لنكون بالقرب من بعضنا لتترتقى هممنا ويزداد إيماننا ..
اتفقنا حبا فى الدعوة واهتماما فى العمل للدين أن ننظم إلى إحدى الدور أو الجمعيات الخيرية لنكمل ماكنا عليه فى الكلية
بدأنا نتواصى على ذلك .. وانظممنا فى الدار النسائية القريبة من البيت
وجدنا أنفسنا فى همة عالية .. كان حبنا لبعضنا يقودنا ويدفعنا
كيف لا ونحن نستشعر أنه حب لله وفى الله لم تصنعه دنيا ولم تقوده مصالح
تمضى الأيام ونحن نمضى بثبات الحب الذى ساقنا إلى حفظ القرآن
تمضى الأيام ونحن نمضى بثبات الحب الذى ساقنا لإرضاء رب الأنام
وهكذا كنا .. حتى بدأت صاحبتى وفاء تعانى من ضيق الوقت
فلم تستطع أن توفق بين عملها البعيد وبين الانتظام والحضور معنا فى الدار عند المساء
حتى تباعدنا وأصبحنا لانرى بعض إلا بالأسابيع
وفوجئت ذلك المساء بوالدة صاحبتى وفاء تتصل على وهى تبكى وتقول ولاء يابنيتى الحقى بأختك وفاء
فقد مضى لها قرابة العشر أيام وأنا لاأعلم ماذا بها ؟؟
أصبحت كسيرة منطوية لاتتكلم معى إلا بالدموع وبالبكاء فأرجوك بنيتى لعلها تراك وينشرح صدرها
ذهبت أجر الخطا .. ذهبت متثاقلة بهموم تقلقنى وخواطر تلاحقنى ..ماذا بها ؟؟
دخلت عليها .. فإذا بى أجدها تصرخ فى وجهى وهى تردد أخرجى .. أخرجى
لاأريد أن أراك .. لاأريد أن أرى أحد ..لاأريد أن أتكلم ..أرجوكم فبكت .. بكت بكاء قطع نياط قلبى
أول مرة أراها تبكى هكذا ..أمسكت بها وأنا أهدئها وأقبل رأسها ويدها
فقالت والدتها لقد اتفقنا مع أحد القراء أن يأتى أليها ..فقد رفضت حتى المستشفيات
لم أتمالك نفسي وأنا أنظر إليها ..خرجت وأنا أبكى فلم أتوقع أن يحدث ذلك ولكن الأقدار تجرى على كل إنسان
استأذنت من المدرسة أسبوع وأصبحت أرافق وفاء والازمها فى بيتها
بدأت حالتها تسوء .. بدأ شعرها يتساقط .. قالوا لنا أنها قد أصيبت بعين قوية قد تهلكها إذا لم نتداركها
فياالله ..كان الرقاه يتناوبون عليها ..وكم كانت تعانى من القراءة والألام.. لكننى كنت معها أصيرها وأهون عليها
وأسهر عند رأسها .. أقرأ عليها حتى تنام
مرت الشهور وحالتها وفاء تزداد سوء ووالتها لاتملك إلا البكاء والدعاء ..
وأنا معها .. معها فى غرفتها .. ومعها ألح عيها مرات ومرات أن تأكل ومعها فى دورة المياه لمساعدتها فقد كانت عاجزة ومهمومة..
أصبحت حركة وفاء ثقيلة جدا
ثلاثة أشهر تمضى وصاحبتى أسيرة المرض لاتقوم إلا بصعوبة وأنا معها وبقربها أقرأ عليها وأضع الطعام فى فمها وأنظف القذر من تحتها ...
ووالدتها تبكى كل يوم وهى تحتضننى وتردد لم أكن أتصور كل هذا الوفاء وكل هذا الحب
لم أكن أتصور أن الحب بينكن يصل إلى هذا الحد من التضحية والايثار
بارك الله فيك يا ولاء بما قمت وتقومين به لأخيتك وفاء
فقلت لها وأنا أنظر إلى وفاء والله ياأمى ماقمت بشىء .. والله ياأم وفاء لم أعمل شىء والله لو أقطع من جسدى لحبيبتى لشفاءها لما ترددت .. فنظرت فإذا وفاء دموعها قد تساقطت ووالدتها تبكى فبكيت .. بكيت وأنا أتذكر حيويتها ونشاطها ..
بكيت وأنا أتذكر كيف كانت وكيف هى الأن ..
علمت أن الله يريد أن يرى الحب بيننا ..
علمت أن المنابر عند الله غاليه .. علمت أن الله يريد أن يرى ذلك الحب الذى سيظله يوم لاظل إلا ظله
علمت أن الحب فى ليس مجرد كلام بل عمل واحتساب ليوم الحساب
جاءت والدتى إلى بيت وفاء .. جاءت وهى تلح على أن إدارة المدرسة قررت أن تطوى قيدى وتفصلنى حيث استمر غيابى وازدادت إجازاتى ..
وبدأت والدتى ووالدة وفاء ... بدأ يلحان على بأن أعود إلى مدرستى ..
فقلت لهم وأنا أنظر إلى رفيقة دربى وحبيبتى ..
كيف تريدوننى أن أعود .. وبأى نفس أعود .. بأى قلب أمشى بين الطالبات ..وقلبى مع من ملكت قلبي
كيف أعود إلى مدرستى وأنا مهمومة بحبيبتى ..
والله لن أهنأ بحياتى إلا إذا رأيتها كما كانت معي
لن أهنأ بعيشى إلا إذا قرت عينى برؤيتها وهى بأحسن أحوالها ..
والله لقد استمر هذا الحال سنة وصاحبتى وفاء تزداد تقل فى جسدها وصعوبة فى حركتها
لقد أهلكها هذا المرض وهذا العين ولاحول ولاقوة إلا بالله
فيا الله إن لقضاءك حكمة ..
إن الله إذا أحب عبد ا ابتلاه ...
بدأت اتقرب إلى الله .. بدأت الح على الله .. بدأ ايمانى يزداد ويزداد تقربا واتصالا بالله
علمت أن الله يريد منا اللجوء إليه .. يريد منا التضرع إليه
وفاء ملقاة على الأرض .. وأنا لاأملك كل ليل إلا الدعاء والبكاء ..
دعوت الله .. صدقت مع الله .. رجوت الله وأنا على يقين أن الله قريب .. أن الله مجيب ..
أمن يجيب المضطر إذا دعاه ..
والله ثم والله كم كنت أجهل أهمية الدعاء .. كم كنت أستهين بالدعاء ..
تمر الأيام وأناأشجع صاحبتى وأبكى بين يديها لتقبل على القرأن وأ تستعين بكلام الله
أقرأى البقرة وآل عمران .. افرأى الفاتحة والمعوذات .. والله ستجدين الشفاء ..
فلاإله إلا الله تمر الأيام وإذا بصاحبتى تحرك رجليها ثم حركت يديها ..
بدأت تشعر بانشراح فى صدرها ..
بكيت .. بكي لأننى علمت أن الله قد استجاب ..
والله قد استجاب
ما أرحمك ياالله .. ماأكرمك يا الله ..
انتصبنا بالليل فأعنتنا..
تصبرنا على البلاء فرفعت عنا ..دعوناك فأجبتنا ..
بدأت صاحبتى تمشى .. بدأت وفاء تمد يديها .. مدتها لى ..لتمسك بي .. اندفعت علي
اندفعت وهى تضمنى وهى تقبلنى ..
قبلتنى .. وهى تنزل على ركبتيها نزلت بين قدمى ..لقد كانت تريد أن تقبل قدمى
بكت وهى تردد لن أنساك .. لن أنسى مواقفك ..لن أنسى ماقمت به من أجلي
فرفعتها .. وأنا أقبل رأسها وأقول والله ماقدمت شىء يا أخيتى
حبنا لبعضنا ليس كلام باللسان .. بل شعور فى القلوب وأفعال بالجنان
حبنا لبعضنا ينبع من الإيمان ..ويتطلع لرضا الرحمن ..
وهكذا لازلنا نتواصى ببعضنا .. ونتواصى مع بعضنا فاللهم لاتفرق بيننا ..
صاحبتى هذه الأيام ترافقنى فى التسوق لزواجى فقد تقدم لى من رضينا بخلقه ودينه
وأنا أردد لن يفرقنا إلا الموت يا وفاء .. وهى تضحك وتقول بل قولى الزواج والحب الآخر
فأمسكت بيدها وقبلتها وقلت سترين كيف يزداد ويزداد ...
فقلت لله درهن .. تواصين على طاعة الله .. وتصبرن على قضاء الله
سلاحهن الدعاء وعونهن الحب فى الله ... فلله درهن وهنيئا لهن ..
منقول