من منا لا يريد ان يكون من ضمن زمرة المتوكلين على الله حق توكله ؟
جميعنا نريد ذلك ونريد أن نكون ممن بشرهم الرسول صلى الله عليه وسلم بدخول الجنة بغير حساب
ولكن كيف يمكننا الوصول إلى هذه المنزلة العظيمة ؟
هيا بنا أخواتي في الله نتدارس سويا حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم
ونعلم ما هي شروط وموجبات دخولنا في تلك الزمرة الصالحةجعلنا الله واياكم منها كما كتبها للصحابي الجليل عكاشة.
عن ابن عَبَّاسٍ قَالَ : قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
{عُرِضَتْ عَلَيَّ الأُمَمُ فَأَخَذَ النَّبِيُّ يَمُرُّ مَعَهُ الأُمَّةُ وَالنَّبِيُّ يَمُرُّ مَعَهُ النَّفَرُ وَالنَّبِيُّ يَمُرُّ مَعَهُ الْعَشَرَة ,
وَالنَّبِيُّ يَمُرُّ مَعَهُ الْخَمْسَةُ وَالنَّبِيُّ يَمُرُّ وَحْدَهُ
فَنَظَرْتُ فَإِذَا سَوَادٌ كَثِيرٌ قُلْتُ يَا جِبْرِيلُ هَؤُلاءِ أُمَّتِي
قَالَ لا وَلَكِنْ انْظُرْ إِلَى الأُفُقِ فَنَظَرْتُ فَإِذَا سَوَادٌ كَثِيرٌقَالَ هَؤُلاءِ أُمَّتُكَ
وَهَؤُلاءِ سَبْعُونَ أَلْفًا قُدَّامَهُمْ لا حِسَابَ عَلَيْهِمْ وَلا عَذَابَ
قُلْتُ وَلِمَ ؟ قَالَ كَانُوا لا يَكْتَوُونَ وَلا يَسْتَرْقُونَ وَلا يَتَطَيَّرُونَ وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ
فَقَامَ إِلَيْهِ عُكَّاشَةُ بْنُ مِحْصَنٍ فَقَالَ ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ
قَالَ اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ مِنْهُمْ
ثُمَّ قَامَ إِلَيْهِ رَجُلٌ آخَرُ قَالَ ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ قَالَ سَبَقَكَ بِهَا عُكَّاشَةُ }.صحيح البخاري
وصفات السبعين ألفا ذكرت في الحديث وهي أنهم لا يسترقون
أي لا يطلبون من غيرهم أن يرقيهم لكمال توكلهم على الله وتعلق قلوبهم به،
وإن كان طلب الرقية جائزا.
فمن أراد أن يكون من السبعين الفا فليمتنع عن طلب الرقية من الغير ،
لانهم معتمدون علي الله، ولان الطلب فيه شئ من الذل، لأنه سؤال لغير الله
والرقية ثلاثة مراتب :
المرتبة الاولى :
أن يطلب من يرقيه، وهذا قدفاته الكمال,,
المرتبة الثانية:
أن لا يمنع من يرقيه، وهذا لم يفته الكمال؛ لأنه لم يسترق ولم يطلب.
المرتبة الثالث:
أن يمنع من يرقيه، وهذا خلاف السنة؛ فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يمنع عائشة أن ترقيه،
وكذلك الصحابة لم يمنعوا أحداً أن يرقيهم؛ لأن هذا لا يؤثر في التوكل.
وهنا سؤال إذا طلب منك إنسان أن يرقيك؛ فهل يفوتك كمال إذا لم تمنعه؟
الجواب:
لا يفوتك؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يمنع عائشة أن ترقيه،
وهو أكمل الخلق توكلاً على الله وثقةً به،
ولأن هذا الحديث: "لا يسترقون..."
إنما كان في طلب هذه الأشياء، ولا يخفى الفرق بين أن تحصل هذه الأشياء بطلب وبين أن تحصل بغير طلب.
" ولا يتطيرون وعلى ربهم يتوكلون "
التطير: التشاؤم بمعلوم ، إما مرئي أو مسموع أو زمان أومكان .
أصل التّطيّر: أنّ العرب كانوا في الجاهليّة إذا خرج أحدهم لأمر قصد إلى عشّ طائر، فيهيّجه،
فإذا طار الطّير يمنة تيمّن به، ومضى في الأمر، ويسمّونه «السّانح».
أمّا إذا طار يسرة تشاءم به، ورجع عمّا عزم عليه، وكانوا يسمّونه «البارح».
فأبطل الإسلام ذلك ونهى عنه، وأرجع الأمر إلى سنن اللّه الثّابتة، وإلى قدره المحيط، ومشيئته المطلقة.
فالطيرة ما يكون في الشر، والفأل ما يكون في الخير.
ولهذا سميت بالطيرة
..
>
ولم يخبرنا الله في كتابه العزيز عن التطير إلا على لسان أعداء الله ورسله
قال تعالى :{ إِنَّا تَطَيَّرْنَا بِكُمْ لَئِنْ لَمْ تَنْتَهُوا لَنَرْجُمَنَّكُمْ وَلَيَمَسَّنَّكُمْ مِنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ . قَالُوا طَائِرُكُمْ مَعَكُمْ أَئِنْ ذُكِّرْتُمْ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ } يس/18،19
وكذلك حكى الله سبحانه عن قوم فرعون
قال تعالى :{ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَطَّيَّرُوا بِمُوسَى وَمَنْ مَعَهُ أَلَا إِنَّمَا طَائِرُهُمْ عِنْدَ اللهِ } الأعراف/131 .
عن ابن مسعود رضي الله عنه قال :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { الطيرة شرك ، الطيرة شرك } رواه أبو داود والترمذي
عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
{ لا عدوى ولا طيرة ، ويعجبني الفأل قالوا : وما الفأل ؟ قال : الكلمة الطيبة } رواه البخاري ومسلم
فهذه الأحاديث صريحةٌ في تحريم التشاؤم والتحذير منه ، لما فيه من تعلّق القلب بغير الله تعالى .
للطيرة أنواع وأشكال مختلفة منها المسموع , والمرئي , ومنها ما يختص بالزمان والمكان .
المسموع مثل: أن يسمع الإنسان صوتاً فيتشائم منه ،
مثل سماع صوت الغراب أو البومة تصرخ على بيت يقول وقتها من يتشائم : إنتهى أجلي أو أجل أهلي أو ستصير مصيبة وكارثة لبيتي لأن البومة صرخت على البيت ، والبومة لا تصرخ على بيت إلا لتنعي صاحب البيت وغيرها من الأمثلة المسموعة كأن يخرج الإنسان من بيته قاصدا أمرا معينا فإذا سمع صوت نحيب او بكاء أعرض عن مشواره ورجع إلى بيته , تاركا التوكل على الله ومتمسكا بأحبال الشيطان الواهية ووساوسه المهلكة.
التشاؤم المرئي
بعض الناس يعتقدون أنهم إذا شاهدوا منظرا غير مريح لعيونهم كأن رأوا رجلا أعورا أو شكل قبيح , أو بومة أوقط أسود أو غراب
أو صفة شخص كالتشاؤم من الأعرج والأعمى ، أو حال إنسان كالتشاؤم من رؤية فقير أو محتاج . فإن يومهم سيكون مليء بالمتاعب والمصاعب وعدم التوفيق .
وقال : اليوم يوم سوء وشؤم، وأغلق عليه حياته وعطل مصالحه ولم يذهب إلى عمله أو مصلحته التي كان ينوي قضاؤها .
وهناك من ترف عينه اليسرى فيتشاءم , أو تحكه يده اليسرى فيقول سيسمع خبر سيء عن ماله .
وتتطور الأمر إلى أن أصبح المرئي أو المسموع آية من كتاب الله تُرى في المصحف ، أو تُسمع من قارئ ! كآية وعيد أو عقاب ،فيتشاءم سامعها أوقارئها إذا فتح المصحف عليها .
( التشاؤم بمرئي أو مسموع أو معلوم )
فلا ينبغي للمؤمن أن يكون متشائماً ، بل عليه أن يكون دائماً متفائلاً حَسَنَ الظن بربه فإذا سمع شيئاً، أو رأى أمراً؛ ترقب منه الخير؛ وإن كان ظاهره على خلاف ذلك، فيكون مؤملاً للخير من ربه في جميع أحواله،
وهذه حال المؤمن ، فإن أمره كله له خير كما قال صلى الله عليه وسلم :
{عجبا لأمر المؤمن. إن أمره كله خير ، وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن ، إن أصابته سراء شكر ، فكان خيرا له ، وإن أصابته ضراء صبر ، فكان خيرا له }صحيح مسلم
وبهذا يكون المؤمن دائما في حال من الرضى والطمأنينة والتوكل على الله ، وبُعْدٍ عن الهموم والأحزان التي يوسوس له بها الشيطان الذي يحب أن يُحزِن الذين آمنوا، وهو لا يقدر على أن يضرهم بشيء ، نسأل الله لنا ولك السلامة من كل مكروه والله تعالى أعلم .
* التوكل على الله حق التوكل .
حقيقة التوكل هي : الاعتماد المطلق على الله تعالى في جميع الأمور من جلب المنافع و دفع المضار .
ونجد الأيات كثيرة تحثنا على حسن التوكل على الله عز وجل والاستعانة به في كل أمور حياتنا ففيه الكفاية والوقاية. فمن توكل على الله فهو حسبه .
قال تعالى : " وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُه " (الطلاق: 3) .
قال تعالى :"فإذا عزمت فتوكّل على الله إن الله يحبّ المتوكلين"( 159- آل عمران ). وقال تعالى: " وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ " (سورة الانعام 17 آية)
* استحضار أنه لا يحصل شيء في الكون صغير أو كبير خير أو شر إلا بقضاء الله تعالى وقدره ومشيئته وإرادته. فالأمر كله بأمر الله وحده لا شريك، فهو الضار النافع، لا ينفع أحدٌ ولا شيء إلا بإذنه، ولا يضر أحد ولا شيء إلا بإذنه،
ولذلك وجب على كل مسلم أن لا يتعلق قلبه خوفا ورجاء إلا به، ولا استعانة وتوكلا إلا عليه سبحانه، كما جاء في وصية رسولنا الكريم لابن عباس :
{واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك،
وإن اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك،
رفعت الأقلام، وجفت الصحف } رواه احمد
* أن يدعو الله تعالى بأن يخلِّصه من كيد الشيطان بها ، ويسأله تعالى الخير ، ويستعيذ به من الشر .
عن عبد اللَّهِ بن عَمْرٍو رضي الله عنهما قال : قال رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : { مَن رَدَّتْهُ الطِّيَرَةُ من حَاجَةٍ فَقَدْ أَشْرَكَ
قالوا : يا رَسُولَ اللَّهِ ما كَفَّارَةُ ذلك ؟
قال : أن يَقُولَ أَحَدُهُمْ : اللهم لاَ خَيْرَ إلا خَيْرُكَ وَلاَ طَيْرَ إلا طَيْرُكَ وَلاَ إِلَهَ غَيْرُكَ } . رواه أحمد وصححه الألباني في " السلسلة الصحيحة " .
قال تعالى: "أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى ٱلطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صَــٰفَّـٰتٍ وَيَقْبِضْنَ مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلاَّ ٱلرَّحْمَـٰنُ إِنَّهُ بِكُلّ شَىْء بَصِيرٌ" ( الملك:19)
وَفِي الصَّحِيح أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُول :
{ لَا مَانِع لِمَا أَعْطَيْت وَلَا مُعْطِي لِمَا مَنَعْت وَلَا يَنْفَع ذَا الْجَدّ مِنْك الْجَدّ }
نسأل الله أن يجعلنا من المقربين بقربه المتوكلين عليه ...
ونسأله التوفيق للجميع في مايرضي الله
ويرزقنا جنة الفردوس الأعلى جميعاً
ويحشرنا مع لآنبياء والصالحين...