العرب لم يكونوا أقل شأناً في إبداعهم من غيرهم ؛ ولكن وفق الوسيلة المتاحة لديهم وهي اللغة، إذ تمكنوا من أن يعبروا بها عما في عقولهم وقلوبهم من أحاسيس وتصورات، لذلك اعتنوا بها أشد العناية، وجعلوها طيّعة مرنة بين أيديهم يصوغون منها ما يشاؤون من أشكال، حتى يمكننا القول: إنهم رسموا وجسدوا ونحتوا بالكلمات.
وقد تجلت قمة البلاغة وصفوة القول، لدى العرب في الشعر العربي الذي أُطلق عليه اسم (ديوان العرب) إذ إنه أرخ لحياتهم، من متع ومسرات وأفراح وأحزان وهزائم وانتصارات. وعلى اعتبار أن المرأة غدت في شعرهم، غرضاً من أغراضه، نجدها احتلت مكانةً مرموقة، فيه، فأولوا المرأة أهمية بالغة وأبدعوا في وصفه ورسمه وتجسيده، ويتملكنا العجب من قدرة اللغة على ما تمتلكه من طاقة تعبيرية فذة ونادرة.
وبين أيدينا نماذج شعرية، استطاعت اختراق الزمن، لتبقي في وجدان الناس على مر العصور والأجيال، مقياساً للذائقة الرفيعة في وصف وتذوق جماليات الحب.
وشعر الغزل ليس مقصورا على الرجال دون النساء فقد ابدعت النساء بشعر الغزل أيضا ومن الشاعرات اللاتي جاهرن بالغزل بمحبيهن، الشاعرة حفصة بنت الحاج الركونية، التي كانت على علاقة عشق مع الشاعر أبي جعفر ابن سعيد، فقد تناقلت لها المصادر الأدبية كثيرا من شعرها الغزلي الرقيق فيه، فمن ذلك قولها:
أغار عليك من عيني رقيبي=ومنك ومن زمانك والمكان
ولو أني خبأتك في عيوني=إلى يوم القيامة ما كفاني
فكعب بن زهير تغزل بسعاد عند النبي صلى الله عليه وسلم ولم ينكر عليه
ومعلوم إن الرسول صلى الله عليه وسلم لا يسكت على الباطل
وفي عهد عمر بن الخطاب سمع امرأة بالمدينة تقول :-
هل من سبيل الى خمر فأشربها=أو من سبيل الى نصر بن حجاج
أنظـر إلى السحر يجري في نواظـره=وانظرإلى دعجٍ في طـرفه الساجـي
وانظــر إلـى شعــرات فـوق عـارضــــه =كأنهـن نمــال دب فـي عـاجــي
وقد مر عليّ في كتاب لأحد أعلام السلف وهو إبن القيم الجوزية :
إذا أنت لم تعشق ولم تعرف الهوى =فقم فأعتلف تبناً فأنت حمارُ
أقول : - أن الحب والهوى اختراع عربي فلذلك سنخصص هذه الصفحة لروائع شعر الغزل في الأدب العربي وأتمنى من أحب الإضافة أن يتأكد هل القصيدة موجودة أم لا